كتب مارتن كوبلر أن سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي استغرق بناؤه 14 عامًا، يستعد لافتتاح رسمي هذا الأسبوع. يمتد السد بعرض 1,800 متر وارتفاع 175 مترًا، ويخزن ما يصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه في بحيرة أكبر من مدينة لندن. منذ مطلع 2022 بدأ المشروع في توليد الكهرباء، ويتوقع أن يضاعف القدرة الإنتاجية الحالية لإثيوبيا. نصف السكان تقريبًا ما زالوا يفتقرون إلى كهرباء مستقرة، ما يدفعهم للاعتماد على حطب وفحم وغاز ملوث.

أشارت دويتشه فيله إلى أن دولتي المصب مصر والسودان تعتمدان على مياه النيل الأزرق كمورد حيوي يزداد ندرة. دراسة علمية عام 2019 توقعت أن يتجاوز الطلب على مياه حوض النيل المعروض بانتظام بحلول 2030. القاهرة والخرطوم انتقدتا "الإجراءات الأحادية" التي اتبعتها أديس أبابا في إدارة النهر، وطالبتا بإدارة مشتركة. لكن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد شدد مؤخرًا على أن السد "ليس تهديدًا"، بل فرصة للتنمية المشتركة.

أكد آبي أن المشروع سيساعد على السيطرة على الفيضانات الكارثية التي تضرب شرق السودان بانتظام، وسيوفر كهرباء للتصدير في القرن الأفريقي، مع دعم خطط الاتحاد الأفريقي للتنمية الإقليمية. بالفعل وقّعت إثيوبيا عقودًا لتصدير الكهرباء إلى كينيا والسودان وجيبوتي، وتجري محادثات مع دول أخرى. وقال آبي في خطاب برلماني إن إثيوبيا ملتزمة بالنمو "من دون الإضرار بالأشقاء المصريين والسودانيين"، مضيفًا أن بلاده تؤمن بـ"التقدم والطاقة والمياه المشتركة".

يبعد السد نحو 15 كيلومترًا عن الحدود السودانية، ما يجعل السودان أول المتأثرين به. ملايين السكان يعتمدون على النيل للشرب والزراعة، وسط حرب أهلية وأزمة إنسانية وتصحر متزايد. الباحث كيفن ويلر من جامعة أوكسفورد أوضح أن السودان قد يستفيد من تنظيم الفيضانات، لكنه يواجه خطرًا في حال أفرجت إثيوبيا عن كميات مياه كبيرة أو قليلة فجأة. وأشار إلى أن "التنسيق اليومي وسلامة السد يمثلان أولوية قصوى".

يتدفق النيل الأزرق بعد ذلك إلى مصر، التي تعتمد على النهر لتوفير 90% من مياهها. النمو السكاني وتراجع الموارد جعلا القاهرة في أمس الحاجة لكل قطرة. مع ذلك، يرى ويلر أن تشغيل السد لتوليد الكهرباء يصب في مصلحة مصر، إذ يسمح باستمرار تدفق المياه بعد مرورها عبر التوربينات، بدلًا من حجزها للري في إثيوبيا. لكن مصر قلقة من أن يشكل السد سابقة لمشروعات مائية مستقبلية من دون اتفاقات مسبقة.

منذ بدء المشروع عام 2011، ضغطت القاهرة والخرطوم من أجل اتفاق قانوني ملزم يضمن تدفق المياه وآليات فض النزاعات، لكن جميع المحاولات فشلت. الباحث توبياس زومبراغل من جامعة هايدلبرج رأى أن النزاع "عاطفي وتاريخي" يعود إلى قرن تقريبًا، ما يعقّد فرص التوصل إلى حل وسط. وأوضح أن السد يمثل مشروع "هيبة وطنية ورمزًا للبناء القومي"، وقد يكون الأول بين سلسلة سدود أخرى تخطط لها إثيوبيا على النيل الأزرق.

تهدف أديس أبابا أيضًا لاستخدام جزء من مياه النهر للري، وهو ما تعتبره مصر عقبة رئيسية أمام أي اتفاق. فبينما تريد القاهرة منع استهلاك إضافي للمياه، ترفض إثيوبيا أي التزامات تحد من استخداماتها المستقبلية.

يرى الخبراء أن لدى إثيوبيا إمكانات هائلة للطاقة الكهرومائية مقارنة بالرياح والشمس، حيث توفر هذه المشروعات استقرارًا أكبر للشبكة وإمكانية للتصدير الإقليمي. لكن تغير المناخ قد يجعل الإنتاج أقل استقرارًا مع تقلب الأمطار والجفاف. مع ذلك، ترجح دراسات أن تشهد هضبة النيل زيادة في معدلات الأمطار على المدى الطويل.

أشار الباحثون أيضًا إلى أن تشغيل السد الإثيوبي بالتوازي مع السد العالي في مصر يمكن أن يساعد في مواجهة آثار التغير المناخي، إذ يقل التبخر في المرتفعات الإثيوبية مقارنة بالصحراء المصرية.وقد يضمن تخزين المياه هناك ثم إطلاقها عند الحاجة مخموارد إضافية لمصر والسودان وقت الأزمات.

مع ذلك، يظل القلق قائمًا بشأن سرعة إعادة ملء خزان السد بعد موجات جفاف، إذ قد يؤدي ذلك إلى إطالة أمد العجز المائي لدول المصب. ورغم المزايا المحتملة، يبقى غياب اتفاق شامل بين الأطراف العقبة الأكبر أمام إدارة أكثر استدامة لمياه النيل.

https://www.dw.com/en/egypt-sudan-worry-about-water-as-ethiopias-gerd-dam-opens/a-73886547